Tuesday, July 17, 2007

حاضر

أرانى أركض فى ممر ضيق بلا نهاية , يطاردنى رجل بدين يعلق على كرشه الضخم ورقة كتب عليها 799 , ترتعش لمبات النيون على طول الممر بأزيز مستفز , صوت الأزيز يعلو و يعلو و الرجل من الخلف يصيح مصنع بدل .. مصنع بدل , صوت الأزيز يعلو أكثر و أكثر كما يعلو صوت أقدام الرجل التى تضرب الأرض فى عنف من خلفى .. ضوضاء ضوضاء .. أستفيق من نومى .. انه جرس الباب بصوته المحشرج .. يقرعه أحدهم بهستيرية .. أجرى نحو الباب , أفتحه لأجد ذلك الزبال العجيب فى مواجهتى .. كأنه مسخ على صورة طفل .. أو ربما طفل على صورة مسخ ..أناوله سلة القمامة ليفرغها فى مشنته الكبيرة و لا ألاحظ كم هى كبيرة بالنسبة لجسمه , أعيد عليه الملحوظة اليائسة المعتادة

بعد كدة ما تبقاش ترن الجرس كتير ..

حاضر .. ( دونما أدنى اكتراث )

أغلق الباب و أعود لنوم غير مستقر.

_________________________


يحاول صوت فيروز الوصول إلى أذنى فيمنعه هواء الغرفة الراكد , سمكا مقليا للعشاء , بارد , فكرة سيئة ! أحمل طبقى للمطبخ متثاقلا , أفرغ بواقى السمك المقلى فى سلة القمامة , يقطع شرودى صوت الأشواك تسقط على أرضية المطبخ (شكرا للهواء الراكد ) , السلة ممتلئة .. الأن فقط تذكرت الزبال الطفل .. و تذكرت اننى حتى الأن .. لا أذكر له شكلا ..


ترى .. أيهما كان الحلم .. و أيهما الحقيقة ؟

حاسب يا عم


Monday, July 9, 2007

الزمالك

لم أكن أبدا من المهتمين بالرياضة , لم أختر فريقا لأشجعه بين الغريمين الكبيرين منذ كنت طفلا , بل أنه فى حين كانت مناقشات زملاء ابتدائى تدور حول استحقاق الأهلى للنصر الأخير أو الكأس الذى أصبح قريبا من الجبلاية ( فى فريق يقول على نفسه الجبلاية بالزمة ؟ ) أو التوقعات المرئية للتشكيلة , كنت انا أتأمل العلامات التى تركتها أقدام الحمام على رمال الحوش الطازة و كأنها رسالة لؤلائك الذين سيبكرون و تطأ أقدامهم الحوش قبل الأخرين ( بغض النظر عن ان اولئك المبكرون بيلعبوا كورة ببذرة الدوم , و بييجوا بدرى عشان الحوش بيبقى فاضى ) ... المهم مرت الأيام و السنون و وقعت عينى للمرة الأولى على ماتش أجنبى و عندها أصابتنى حيرة تفوق حيرة مصطفى محمود فى سنوات شكه ... يا الهى .. اذا كان ما يفعله هؤلاء كرة قدم فماذا تسمى ما يفعله هادى خشبة و حمزة الجمل .. اذا كان هذا الاخضرار الجميل للملعب صنعته النجيلة .. فأى يد شيطانية عبثت بجينات نجيلتنا الصفراء ؟ منذ هذه اللحظة قررت أن الأمر جدير بالدراسة .. ضغط على نفسى و جلست لأشاهد مباريات الكرة المحلية فى محاولة لفهم ما يحدث .. أقول الحق .. لن أدعى اطلاقا أننى قطعت من عمرى ساعة و نصف لمشاهدة مباراة يحمل أحد أطرافها اسم "مزارع دينا " أو " الكروم" أو "بلدية المحلة " فالأمر هنا أوضح من أن يحتاج لدراسة و لكنى حاولت فعلا أن أعرف من أجدر بأن أحمل ديانته بين سيدا الأقوام الأهلى .. و الزمالك

حقيقة لم أرى من أى منهما كرة قدم حقيقية .. و أتحدى من يجادل فى هذا انما الأمر أعمق من ذلك بكثير .. فشعب عاطفى كشعبنا لن يتخلى عن عاطفيته العتيدة و مرجعيته الأولى و الأخيرة فى التعامل مع الحياة مع شئ أقرب ما يكون للعاطفة و هو كرة القدم .

منذ البداية لا أنكر انجذابى للأهلى ( قولت مش باتكلم عن الكورة دلوقتى ) فانلة الأهلى الحمراء كانت عامل جذب تشكيلى قوى للغاية بينما فانلة الزمالك البيضاء بدت دوما كأقمصة الأغنياء التى تنجلى عنها البذلات الرسمية فى لحظات التباسط المصطنعة ( جامدة الحتة دى ) بعد ذلك ألقيت نظرة فى وجوه اللاعبين .. منذ القدم و الأهلى يختار لاعبيه من أبناء الريف و الصعيد و الأحياء الشعبية بينما تحمل وجوه لاعبى الزمالك نعومة و حمرة أبناء أثرياء الحى القديم ( حتى لو كانوا أصلا من كفر الشيخ ) شعرت دوما أن لاعبى الأهلى يشبهون عمال البناء الأجرية اللذين يتغابون على أنفسهم

و يحملون شكائر الأسمنت للأدوار العليا دون افطار .. بينما لاعبي الزمالك يلعبون و هما مشغلين التكييف .. اشتهر الأهلى دوما بقوانينه الأخلاقية الصارمة التى تذكرك ببيت العيلة الذى لا تدخن فيه أمام والدك حتى لو كنت فى الأربعين بينما لاعبى الزمالك تلمع شعورهم دوما بـ "جيل" كثير و يقبلون خواتم فى أصبعهم و سلاسل حول أعناقهم ( و احنا عارفين انهم مش خاطبين ولا متجوزين ).

تلفح شمس استاد القاهرة ( و شمسه غير كل الشموس ) أجساد لاعبى الأهلى السمراء حتى دقائق المباراة الأخيرة و يحاولون دوما تحقيق مكاسب شريفة مشرفة بينما اشتهر لاعبى الزمالك بتضيع الوقت و الحركات الناقصة حتى كنا (لما كنا بنلعب كورة فى الشارع ) نسب من يتعمد ابعاد الكرة عن مكان الفاول أو يتلكأ فى تسليمها للفريق المنافس حتى يعود زملاءه للدفاع نسبه و نقول له بطل حركات الزمالكاوية دى.

مباراة الأهلى و الزمالك الأخيرة أكدت لى أننى لا أحب الأهلى فعلا بقدر ما أنا أكره الزمالك .. و أكره أمواله .. و أكره سيارات نجومه الفارهة و أكرهه فى فشله كرجل أعمال وغد يضرب زوجته و أكره احساسى الدائم بأن لعيب الزمالك هو مثلا جرسونات كافيتيريا مركز الابداع يلعب بنفسية الضيف الذى سرعان ما سيغادر الفريق عندما تأتيه الفرصة المناسبة ( الصفقة المناسبة ).

و يبقى أن أقول أننى أشعر فى حبى للأهلى بشئ من التطهر .. التطهر من ضيقى الذى أشعر به تجاه الغلابة الذين يزاحمون فى المينى باص و يعيشون حياة جميلة فى روائح عرقهم المختلطة عندما أرى أبناءهم فى صفوف الأهلى يتغابون على أنفسهم و يلعبون حتى الدقائق الأخيرة و يسببون لجمهورهم السعادة .. أشعر أننى أتطهر و أنا اشجع الأهلى لأننى أحب أبو تريكة ( قبل أن أتأكد انه بيلعب كويس فعلا ) لأن من أحب أبو تريكة كأنما أحب الاسلام ! .. و أتطهر عندما أسمع ألسنة الأهلاوية اللاهبة تلسع ظهور الزمالكاوية المتثاقفين المتأنقين المتحفلطين المصفصتين المتكلمين عن التكتيك و الخطط و المدراء الفنيين و كل هذا الكلام الذى لا نفهم فيه بينما تخرسهم شعارات مقفاه من عينة " زمالك يا بو خطين جبت الحرفنة دى منين الأهلى معلمهالك بأمارة ستة اتنين " عبارة خالية من أى تمنطق أو ادعاء أو تحليل علمى مجرد تعبير شعبى صادق عن السعادة بالنصر .. ذلك النصر الذى يفتقده الغلابة من زمان و لا يجدونه الا فى تشجيعهم للنادى الذى هزم و يهزم و سيهزم نادى يحمل اسم الزمالك .. حى الأثرياء .